10/2/06

الساميـــــــــــــه






السامية هي صفة عرقية تطلق على عدد من الشعوب التي سكنت مناطق بلاد الرافدين والشام وشبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، وتنسحب هذه الصفة على كل من العبرانيين والسومريين والآراميين والسريان والكنعانيين والكلدانيين والآراميين والأنباط والعرب. ويقال إن هذه الشعوب انحدرت من نسل "سام ابن نوح". وتتحدث هذه الشعوب اللغات السامية التي انحدرت من أصل واحد وهي اللغات: الأمهرية والعربية والآرامية والأكادية والأشورية والسريانية وغيرها.


كانت المرة الأولى التي يظهر فيها مصطلح السامية في القرن الثامن عشر، حين استخدمه "لودفيج سلوزر" لوصف اللغات المرتبطة باللغة العبرية، والتي تتفرع كلها من شجرة واحدة وتتميز بتقارب خصائصها.ونظرا لارتباط هذه اللغات بالأديان، حيث كتبت بها النسخ الأصلية من الكتب المقدسة (حيث يوصف كل من الإسلام والمسيحية واليهودية بالأديان السامية)، يقوم الكثير من المتدينين في العالم بدراسة إحدى اللغات السامية كلغة ثانية، حيث يقوم المسلمون من غير العرب بدراسة اللغة العربية لقراءة ودراسة القرآن الكريم، ويقوم اليهود من غير الإسرائيليين بدراسة العبرية، وأحيانا يقوم المسيحيون الذين ينتمون إلى المذهب الأورثوذوكسي بدراسة الآرامية.وتتركز الشعوب السامية في مناطق واسعة في إفريقيا وغرب آسيا والمنطقة العربية، ويرجح أن هذه الشعوب نشأت أولا في منطقة الهلال الخصيب في أيام الحضارات الأشورية والبابلية.في أوروبا العصور الوسطى، كان يعتقد أن كل الشعوب الآسيوية انحدرت من نسل "سام"، وبحلول القرن
التاسع عشر أصبح الاسم يطلق على الشعوب التي تتحدث اللغات السامية

ومعاداة السامية

أما معاداة السامية فهو مصطلح يطلق على التعصب العرقي ضد اليهود، والمصطلح ليس دقيقا جدا لأن السامية تعني كل الشعوب الأخرى التي تتحدث اللغات السامية بمن فيهم العرب، إلا أن المقصود منه هو التعصب ضد اليهود فقط. وربما كان السبب في اقتصار المصطلح على اليهود هو أنه لم تكن هناك شعوب سامية أخرى تسكن أوروبا بخلاف اليهود وقت ظهور المصطلح. وتعد سياسة الزعيم النازي "أدولف هتلر" وخططه لتصفية جنس اليهود أكبر مثال على معاداة السامية.


يمكن تعريف معاداة السامية وفقا لثلاثة أسس مختلفة


:• الأساس الديني: معاداة اليهود بسبب دينهم أو ممارسة شعائرهم، وهنا تتوقف المعاداة في الغالب إذا توقف اليهود عن ممارسة شعائرهم أو تخلوا عن معتقداتهم الدينية.•


الأساس العرقي: ليس للمعاداة هنا علاقة بالدين أو الثقافة، بل للاعتقاد بأن اليهود جنس مختلف عن الجنس البشري.• معاداة السامية الجديدة: ظهر هذا المصطلح في نهاية القرن العشرين، وهو يعبر عن معاداة على أساس سياسي بالأكثر، وهو يتداخل دائما مع معاداة الصهيونية، وينتشر هذا النوع من معاداة السامية بين اليسار في أوروبا وأمريكا. ظهر المصطلح للمرة الأولى عام 1860 على يد اليهودي النمساوي "موريتز شتاينشنايدر"، والذي استخدم هذا المصطلح لوصف أفكار "إرنست رينان" التي تقول إن الجنس السامي أقل من الجنس الآري، وهي الأفكار التي انتشرت انتشارا كبيرا في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي تتضمن نظريات علمية زائفة عن الأعراق والأجناس والحضارة والتقدم.بعد ذلك تأسست في ألمانيا رابطة معادة السامية عام 1879 بواسطة السياسي الألماني "ولهلم مار"، وكان هدف الرابطة حماية المجتمع الألماني من الخطر اليهودي وطرد اليهود من ألمانيا.اندلع التعصب العرقي ضد اليهود في أوروبا، وكان جزء من هذا التعصب دينيا في أوروبا المسيحية نظرا لمسئولية اليهود التاريخية عن صلب المسيح، وفي جزء آخر نتيجة لسيطرة رأس المال اليهودي على كثير من المعاملات التجارية والمصرفية.وخلال العصور الوسطى فرضت الكثير من الضرائب على اليهود، كما أجبروا على السكن في أماكن معزولة، ونفي الكثير منهم خارج البلدان التي عاشوا بها. وفي منتصف القرن الرابع عشر، وبعد أن قضى الطاعون على نصف سكان أوروبا، انطلقت شائعات بأن اليهود هم المسئولون عن الوباء لأنهم سمموا آبار الشرب، انطلقت أعمال عنف في كل مكان لقتل اليهود وتدمير ممتلكاتهم.وكانت الأحزاب السياسية في النمسا والمجر وألمانيا تركز أهدافها السياسية على اضطهاد اليهود وتصفيتهم، وربما كانت حركة معاداة السامية هذه هي التي أدت إلى نشوء الحركة الصهيونية ومحاولة اليهود الحصول على وطن مستقل في فلسطين.وخلال الحرب العالمية الثانية اتبع "هتلر" مجموعة من السياسات لتصفية الجنس اليهودي، عن طريق جمعهم في معسكرات الاعتقال وتهجيرهم وتصفيتهم جماعيا فيما سُمّي بالهولوكوست.وفي العالم الإسلامي كانت الشرائع تحض على حسن معاملة اليهود باعتبارهم أهل ذمة، إلا أن هذا الأمر كان يختلف من حاكم لآخر، وذلك على أساس أن اليهود كانوا الأعداء الطبيعيين للإسلام في بدايته.في القرن العشرين، ومع الصراع العربي الإسرائيلي، والجرائم والمذابح الإسرائيلية المستمرة التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية منذ تأسيسها، ازدادت مشاعر الكراهية لليهود في العالم العربي والإسلامي، وانطلقت حملات معادية للصهيونية تختلط كثيرا بمعاداة السامية في الصحف العربية.فيما بعد حصل اليهود على تعويضات هائلة من ألمانيا مقابل المذابح التي تعرضوا لها، وتم سن قوانين في كثير من الدول تمنع معاداة السامية التي من مظاهرها إنكار الهولوكوست، أو الإشارة إلى أن إسرائيل دولة عنصرية، أو إلقاء مسئولية تصرفات دولة إسرائيل على يهود العالم ككل، أو الإشارة إلى المفردات الكلاسيكية لمعاداة السامية مثل مسئوليتهم عن دم المسيح.صحيح أن اليهود تعرضوا للكثير جدا من الاضطهاد عبر التاريخ، إلا أن الضحية تحولت في النهاية إلى جلاد، وتحول مصطلح معاداة السامية في الغرب إلى وسيلة لإرهاب كل من يتكلم أو يعترض على الأفعال الإسرائيلية، سواء الحديثة منها أو التي مر عليها آلاف من السنين


================================


د. ميشيل حنا

No comments: