أصبح رجل الاعمال المكسيكي من اصل لبناني كارلوس سليم الحلو أغنى رجل في العالم متفوقا على بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت. وقال موقع "سنتيدو كومون" وهو موقع مكسيكي يعنى بالشؤون المالية على الانترنت، ويحظى باحترام كبير، إن ثروة سليم بلغت حاليا 67.8 مليار دولار في حين تبلغ ثروة جيتس 59.2 مليار دولار. وأضاف الموقع ان ثروة سليم البالغ من العمر 67 عاما قد
تضخمت مع ارتفاع سعر السهم في كبريات شركاته "أمريكا موفل
وكان سليم الحلو قد استطاع في نيسان الماضي ان يزيح عملاق قطاع العقارات الامريكي وارين بافيت من موقع ثاني اثرياء العالم، وهو الموقع الذي احتله بافيت لمدة سبع سنوات. يذكر أن جيتس تربع على قمة الاثرياء لمدة 13 عاما على التوالي
جدل في المكسيك
امضى الحلو سنوات طويلة من العمل في المجال التجاري، الا ان صفقة شراء شركة الاتصالات الوطنية المكسيكية "تليميكس" هي التي رفعته الى مصاف اغنى الاثرياء. ويوجه النقد الى وضع شركة "تليميكس" للاتصالات التي يمتلكها الحلو، والتي تسيطر على 90% من سوق خطوط الهواتف الارضية في المكسيك، بانها في وضع تحتكر فيه قطاع الاتصالات في المكسيك
وحسب تقديرات مجلة فوربس فان دخل كارلوس سليم الحلو حاليا يمثل وحده 7% من اجمالي الدخل السنوي للمكسيك. كما يثير ارتفاع ثروة الحلو جدلا شديدا في المكسيك نظرا لان متوسط دخل الفرد فيها يبلغ 6800 دولار سنويا، ويعيش نحو نصف السكان تحت خط الفقر. وعندما وجه اليه سؤال في مؤتمر صحفي عن الارتفاع الكبير في ثروته في عام واحد قال الحلو ببساطة "سوق الاوراق المالية يرتفع احيانا ويهبط احيانا، وان ثروته يمكن بسرعة ان تتراجع كما ارتفعت
كارلوس سليم الذي يبلغ الآن 67 عاما، بنى ثروته خلال الثمانينيات من القرن الماضي عندما بدأ بشراء شركات تعاني من صعوبات مادية باسعار منخفضة، ومساعدتها على النهوض. وفي التسعينيات، انصرف سليم الى الاستثمار في مجال الاتصالات وذلك كي يستفيد من النمو قطاع الاتصالات الخليوية. وتتمتع شركات سليم اليوم بمكانة عالية في المكسيك اذ تشكل نصف مجمل رؤوس الاموال في بورصة مكسيكو، كما يعرف عن سليم عدم تردده للضغط على الحكومة في حال محاولة تمرير اي قانون يزعجه
واليوم في المكسيك، يصعب جدا الاستهلاك دون المساهمة في تغذية ثروة كارلوس سليم، فهو مالك تلمكس للاتصالات، كما يملك "تلسل" للاتصالات الخليوة، وشركات تأمين، ومجموعة "انبورصا" المالية، وسلسلة من المتاجر الكبيرة، وشركات عديدة في مجال العقارات والاسمنت، وبدأ مؤخرا بالاستثمار في مجال شركات الطيران واللائحة طويلة. ولكن سليم بدأ بالانسحاب شيئا فشيئا من مجال الاعمال ووضع ابنائه الثلاثة كارلوس وماركو انطونيو وباتريسيو على رأس امبراطوريته وهم يهتمون بادارتها يوميا
هاجر جده من جبل لبنان في 1902
وصل جده الى مرفأ تنبيكو في المكسيك عام 1902 برفقة أبنائه الثلاثة، من جبل لبنان وانتقلوا عام 1911 إلى مدينة مكسيكو حيث أسّسوا متجراً لبيع المواد المنزلية، أطلقوا عليه اسم "نجمة الشرق
ولد كارلوس في بداية العام 1940، خامساً في عائلة من ستة أولاد. أبوه جوليان سليم حداد، وأمه ليندا حلو، فصار اسمه حسب التقليد الأسباني الذي يحفظ اسم الوالدين كارلوس سليم حلو. وفي متجر"نجمة الشرق" تلقى كارلوس، الذي كان يعشق التجارة منذ صغره، دروسه الأولى في عالم الأعمال
ينقل كارلوس عن أبيه الذي توفي عام 1952، أن جده كان يشتري أراضي وشققاً في مدينة مكسيكيو في عزّ الثورة، التي بدأت في العقد الثاني من القرن العشرين، فاخذ أبناء الجالية يحذرونه من الظرف الدقيق وكان يجيبهم: "بالعكس، إنه أحسن ظرف، الأسعار منخفضة والأراضي والشقق باقية في المكسيك، لن تغادرها
تخرّج كارلوس سليم مهندساً، وفي أواسط السبعينات من القرن الماضي أسس شركتين، واحدة للبناء وأخرى في البورصة، وكأنه أراد بإنجازه الأول، أن يؤشر عن سعة آفاقه. وأخذ يطبق نصيحة جدّه: "في المكسيك كثرة من الباعة وقلّة من الشارين". فصار "المهندس" خبيراً في اغتنام هذه الفرص
اشترى في البداية معملاً لإنتاج علب السجاير، وبعد سنتين تملك أول شركة للتبغ في المكسيك. في الثمانينات، صار على رأس أكبر شركة تأمين ونائب رئيس البورصة، من دون أن يلتفت إلى همس وتهكم البورجوازية التقليدية على هذا "الصاعد الطارئ
سيطر على شركة الهاتف "تيليمكس
عند موجة خصخصة الاقتصاد المكسيكي، التي أطلقها الرئيس كارلوس ساليناس، فاز كارلوس سليم (على رأس مجـــموعة تضم "بيل" الأميركية و "فرانس كابل")، بشركة الهاتف المكسيكي "تليميكس". أثارت المناقصة في حينها (عام 1991) فضيحة كبيرة لأن سليم حصل على روزنامة تسديد مرنة سمحت له بدفع جزء من الشركة من خلال تشغيلها. وأيضاً بسبب السعر الزهيد الذي استقرت عليه عملية البيع "1.76 بليون دولار"، فيما تقدر قيمة أملاك الشركة في السوق بـ 20 ملياراً. قيل وقتها أن كارلوس سليم لم يكن إلا واجهة وهمية لرئيس الجمهورية، لكن تبيّن أن عرض سليم لشراء "تيلميكس" كان أكبر العروض المقترحة.
وتتحكم تيلميكس اليوم بـ 90 في المئة من خطوط الهاتف الثابت في المكسيك، ولم تنجح أكبر الشركات الأميركية في خرق ما تعتبره "حالة احتكارية" تقاضيها أمام المحاكم. يقول كارلوس سليم مازحاً: "منذ أن دخلت قطاع المواصلات، صرت محاطاً بالمحامين بدلاً من المهندسين". اليوم، يملك أيضاً "أميركا موبيل"، وهي أكبر مشغل للهاتف الخليوي في أميركا اللاتينية. وتشكــــل "تيلميكس" جوهرة إمبراطوريته الاقتصادية، اذ يعمل فيها أكثر من 250 ألف موظف وعامل، وتمثل 40 في المئة من رأس مال بورصة مكسيكو
خلال السنوات الأخيرة، صار سليم يبحث بدوره عن الفرص في الولايات المتحدة، وخصوصا في قطاع المواصلات، حيث تحول إلى اكبر مالك لأسهم "إم.سي.آي"، وفي قطاعات أخرى مثل فيليب موريس، وأسس شركة موجهة للجمهور اللاتيني مع بيل غيتس
يتحاشى كارلوس سليم السياسة ويساير أسيادها. إلا أنه في السنوات الأخيرة، اقترب من، حاكم مدينة مكسيكو اليساري لوبيز أوبرادور، وأخذ يوجه انتقادات لاذعة لسياسة الرئيس فوكس الاقتصادية. و ينظم ندوات يدعو إليها رجال الأعمال لانتقاد سياسات الصندوق الدولي التي "أوصلت أميركا اللاتينية إلى الإفلاس"، مقترحاً نموذجاً بديلاً قائماً على النمو وخلق فرص العمل. وعلى رغم شكوك البعض، ينفي سليم أن يكون لديه مشروع سياسي خاص، وأي توجه لأن يكون بيرلسكوني أو الحريري المكسيكي مبرراً ما يقوم به "بمجرد حبه للبلد وخوفه عليه
يرفض الخضوع للهيمنة الأميركية
يمثل كارلوس سليم نموذجاً من رجال الأعمال اللاتينيين الذين يأبوا أن يخضعوا للهيمنة الأميركية شكلاً ومضموناً. يتحاشى التحدث بالإنكليزية، التي يتقنها، في المناسبات العامة، ويمزج بين ذكاء لامع ومعرفة دقيقة بقوانين اللعبة، وأعصاب فولاذية. لا يخشى اللجوء إلى نوع من الشوفينية التي تحتقر "مقلدي الأميركيين"، وحتى إلى نوع من العائلية عندما تقتضي الحاجة
عشية فض عروض مناقصة "تيلميكس"، جمع زوجته سميّة ضومط وأولادهما الستة وأقسموا معاً بأنهم، إن وُفقوا في مسعاهم، لن يبيعوا أسهمهم "قبل جيلين". أعطى للشركة الأم والتي تعتبر العمود الفقري لثروته إسم "كارسو" الذي هو مزيج من كارلوس وسميّة. وقد توفيت هذه الأخيرة بين يديه عام 1999 خلال رحلة طيران، وخضع هو عام 1997 إلى عملية قلب مفتوح
يعتبر أهم جامع أعمال فنية في أميركا اللاتينية، ومجموعته معروضة في متحف في مكسيكو، ولديه ثاني أكبر مجموعة من تماثيل النحات الفرنسي رودان، بعد متحف رودان الباريسي. يرأس "مؤسسة وسط مكسيكو التاريخي"، وهو شريك أساسي في عملية إعادة تنظيمه وترميمه